مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 1/31/2022 11:07:00 ص
قصة حياة أسطورة عالم الملاكمة محمد علي كلاي  - الجزء الثالث
 قصة حياة أسطورة عالم الملاكمة محمد علي كلاي  - الجزء الثالث
تصميم الصورة : ريم أبو فخر
استكمالاً لما ورد في الجزء السابق

- وصل كلاي إلى روما وحقق الانتصارات الواحدة تلو الأخرى حتى وصل إلى الجولة النهائية، ضد بطل أوروبا البولندي واستطاع كلاي هزيمته بأسلوب القتال الذي تميز فيه، والذي يعتمد على تجنب ضربات الخصم وإنهاكه، وبعد ذلك يبدأ بالهجوم عليه بلكمات الجاب الطويلة والسريعة، ويحطمه في مكانه. 

 كان أسلوب كلاي مميز جداً فقد كان أشبه بالفن

 وخصوصاً أن معظم الملاكمين كانوا يعتمدون على قدراتهم الجسدية في التحمل، فتنتهي كل مواجهاتهم وكلا الطرفين منهك من كثرة ما تعرض للضرب، والفائز هو من تحمل اللكمات أكثر. 

- أما بالنسبة لكلاي فقد استخدمه ذكائه خلال مواجهاته، وصنع ثورة في أسلوب القتال على |حلبات الملاكمة|، فقد كان أسلوبه يعتمد على تجنب وتفادي ضربات الخصم  وفي أغلب الأحيان كان يحاول استفزار خصومه لتوجيه الضربات بشكل أقوى، بخفضه لذراعيه وعدم حماية وجهه، والذي يخالف أبسط قواعد الملاكمة المتعارف عليها. 

 ولكن كلاي بردود فعله السريعة كان يتمكن من تجنب ضربات خصومه، ويتعمد إرهاقهم وهم يحاولون ضرب وجهه المكشوف، وبعد أن يرهقهم بهذه الطريقة، كان يبدأ هجومه بلكماته الخاطفة وطويلة المدى، وعلى الفور يعود لتفادي ضرباتهم بسرعة كبيرة. 

كان يبدو وكأنه يرقص داخل الحلبة بحركاته الرشيقة وردود فعله السريعة

 وهذا ما جعله يعتمد على شعار " طر كالفراشة، وألسع كالنحلة"

 وكان هذا الشعار مناسب تماماً لأسلوب قتاله الثوري في عالم الملاكمة. 

وهذا الأسلوب في المواجهة جعله عرضةً لهجوم وانتقادات حادة من المتابعين والصحفيين والنقاد، لكن كلاي ومدربه لم يعطوا أي اهتمام لذلك، واستمروا على هذا الأسلوب المميز والذي كان يكسبهم الانتصارات المتتالية. 

وهذا نفس الأسلوب الذي جعل كلاي يهزم خصمه البولندي، في أولمبيات روما عام ١٩٦٠، وحصل على الميدالية الأولمبية الذهبية وكان عمره تسعة عشر عاماً، وكان فخور جداً بالانتصار العظيم الذي حققه، ولكنه لم يكن يعلم أنه على موعد مع مواجهة عنصرية والتي ستشكل نقطة فارقة في حياته. 

- وفي ذلك الوقت في أمريكا وبالرغم من انتهاء |مرحلة العبودية| والعنصرية، ولكن الفصل العنصري كان مازال موجوداً بقوة في المجتمع،

 مثال على ذلك، فقد كان ممنوع على أصحاب البشرة السوداء الدخول إلى العديد من الأماكن العامة، وحتى في الباصات ووسائل المواصلات كان ممنوع عليهم الجلوس في الأمام حتى لو كان الباص فارغاً. فقد كان هناك تفرقة عنصرية عميقة ومتأصلة في المجتمع. 

 وكان كلاي في تلك الفترة سعيد جداً ليس فقط بانتصاراته المتتالية، وإنما بتحرره أخيراً من هذه التفرقة العنصرية، على أمل أن تتم معاملته كشخص له احترامه الخاص بغض النظر عن لون بشرته، وذلك بسبب فوزه بالميدالية الذهبية في الأولمبيات، وتحقيقه النصر لأمريكا فمن المفروض أن يعامل باحترام ومهابة وتميز، ظناُ منه أن مكانته الاجتماعية ارتقت بعد ماحققه من إنجاز. 

وهذا ما جعله يرتدي الميدالية في أي مكان يذهب إليه

 وفي أحد الأيام قرر أن يذهب إلى أحد المطاعم ليتناول العشاء مع أصدقائه، وكان يرتدي الميدالية بكل فخر  وكأنها مفتاحه الذهبي الذي سيفتح له الأبواب لدخول الأماكن التي كانت مخصصة لذوي البشرة البيضاء. 

ولكن مدير المطعم رفض جلوسهم في المطعم، وطلب منهم بوضاعة المغادرة بهدوء، وهددهم بطلب الشرطة إن لم ينفذوا ذلك، ووقف كلاي مذهولاً متأكداً بأن هذه الميدالية لا تساوي شيئاً في هذا البلد العنصري، ومن شدة غضبه رمى بها في النهر. 

وتأكد في ذلك الوقت أن الشهرة والمال لن ترفع من قدره واحترامه في عيون هؤلاء الناس الذين تربوا على العنصرية، وتأكد أن مشكلة العنصرية من المستحيل أن تُحل على مستواه الشخصي فقط، وإنما يجب إيجاد حل من الجذور. 

إقرأ المزيد.........

تهاني الشويكي


إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.